أول مرة اصلي وكان للصلاة طعم آخر

ملخص كتاب أول مرة اصلي وكان للصلاة طعم آخر

 أول مرة اصلي وكان للصلاة طعم آخر

تعريف بالكتاب

فصل الكاتب رسالة لابن القيم، كانت قد قُرئت على ثلاث رسائل ولكنه لخّص من الثلاث رسائل المفيد، وبسّط لغتها وأسهم في شرح المعاني الروحية فيها، وكيفية استعادة الصلاة التي فقدها الكثير من الناس – حضور القلب والخشوع فيها. وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “أول ما يُرفع من أمتي الخشوع”، وقد وجد الكاتب أن هذه الرسالة سوف تفيد الكثيرين ممن يحاولون تصحيح مسار الصلاة. بالنسبة له، قال الإمام أحمد بن حنبل: “إنما قدرهم من الإسلام على قدر حظهم من الصلاة، ورغبتهم في الإسلام على قدر رغبتهم في الصلاة.” فاعرف نفسك يا عبد الله، واحذر أن تلقى الله ولا قدر للإسلام عندك. فإن قدر الإسلام في قلبك كقدر الصلاة فيه.

وأكثر..

وليس الهدف منوطًا فقط بالخشوع، بل إنه يأمل أن يتخطى الأمر فقط الخشوع ليكون إقبال العبد على ربه في سائر شؤونه وتكميل عبوديته ظاهرًا وباطنًا على الوجه الذي يرضاه. تعليم التربية الذاتية في القلب، دون أن تعبأ بغيرك. التربية على المسؤولية الفردية واستشعار المحاسبة الذاتية، والتهيؤ للوقوف أمام الله والمشاركة في إحياء الأمة التي ضاعت..

وقبل كل شيء

وقبل كل شيء ابدأ قرارك بالعودة إلى الخشوع في الصلاة بالاستغفار ليغفر الله لك ما مضى. ولا تجعل الشيطان عليك انتصارًا بأن يجعلك تسهو عن صلاتك ويحرمك جزيل أجرها.

ما هو الخشوع؟

الخشوع هو مفتاح الاستقامة وبوابة الهداية لسائر أعضاء الجسد. والقلب هو أمير البدن. فإذا خشع القلب، خشع السمع والبصر والوجه وسائر الأعضاء. والخشوع يقظة نفسية دائمة لخروجات القلب ولفتاته حتى لا يلتفت، وحذر يقظ من هواجسه ووساوسه حتى لا يضل، واحتياط من شهواته وغفلاته خشية أن يزيغ وتعتريه القسوة أو الموت. ولأن الخشوع من أجل العبادات فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ من علم لا ينفع وقلب لا يخشع. فإذا لم تكن الخشوع صفة الدعاء وحالهم، فإن الخطب جلل والمصيبة عظيمة والإصلاح المرتقب أبعد. وهداية الناس وهم فذنب هؤلاء المصلحين مضاعفة، جريمتهم أفدح. وكل راع مسؤول عن رعيته؛ لذا كانت مسؤولية الآباء والأمهات عن خشوع أبنائهم مضاعفة. ولما رأى مالك بن دينار رجلاً يسيء صلاته، فقال: ما أرحمني بعياله.

مفاتيح الخشوع في الصلاة من كتاب أول مرة اصلي وكان للصلاة طعم آخر

اولًا:- التمهل

اذا اردت شيئا من الخشوع في الصلاة فعليك ان تتمهل حتى وانت ذاهبا اليها وان كنت متأخرا فعليك ان تسير وقد عرفت السكينة ؛لان السير مهرولا يجعل انفاسك تضطرب ومعها افكارك فتدخل الصلاة وانت غير مؤهل للخشوع واستيعاب ما فيها. وكن حذرا من السرعة فهي تسرق خشوعك وتنهب ايمانك. ولان الصلاة بركة فعليك ان تعطيها حقها. فالتمهل التمهل

ثانيًا :- التنوع في الصلاة

ولان النفس البشرية تمل تفقد جاذبيتها للشيء بسبب التكرار فان الاشخاص الذين اعتادوا الصلاة بنفس الايات ونفس الاذكار ونفس التفكر في كل مرة فهم لا يحصلون علي الخشوع ويهرب منهم فالاصل ان التنويع في القراءة و الاذكار يساعد على الخشوع. وقد أورد الكتاب بعض الاذكار الكثيرة في مواضع مختلفة من الصلاة. حتي تجدد كل صلاة ما يعينك على ان تطرد الملل وتحصل الحشوع في صلاتك

ثالثًا :- خذ الكتاب بقوة

ليس المطلوب ان تنهي الكتاب سريعا ؛لكن ان تأخذ القليل وتفهمه وتعمل به

وسرعة التلبية انفع فأنت تقم الى صلاتك متى سمعت النداء؟ لتطرد من نفسك هم الدنيا وتغرس فيها هم الاخرة؛ فيقابل ذلك مكافأة بثمرة الرزق الروحي ومقابلة للاحسان بالآحسان

رابعًا:- الأوقات و الأماكن

ومن الأسباب التي تعين على الخشوع أيضًا الاماكن المقدسة والاوقات المقدسة كالصلاة في المسجد الحرم وفي الروضة الشريفة. وليالي رمضان واعتكاف العشر الاواخر وغيرها

خامسًا:- متي تطيل ومتي تقصر

اطل الصلاة منفردا وقصرها ان كنت تؤم المصلين الا اذا علمت منهم انهم يؤثرون الصلاة الطويلة. في هذه الحال يكون ادعى ان تطيل الصلاة وهذا اخذ بالسنة النبوية. وعليك ان تقتنص من كل صلاة ما تستطيع فليس صلاتك وانت على عجلة من امرك تحاول لحاق عملك او انت في عملك مثلها مثل صلاتك في منزلك وقد اخذت استعداداتك واديت سننك. ولكن ليس عليك ان تخسر صلاة الانشغال بل ان تقتنص منها قدر ما تستطيع من الخشوع

سادسًا:- تنويع الأذكار

حفظ الأذكار لتنويعها مهم جدا لطرد الملل. وأن تنتهج نهج النبي -صلى الله عليه وسلم- في صلاته في التنويع. في الأذكار داخل الصلاة. وإن صلاة الليل أخشى من وأقرب للرحمة وأحب إلى الله وابعث لحضور القلب وأبعد عن الانشغال وأدنى من الإخلاص وادعى لجمع الهم. فضلا عن أن الرب سبحانه ينزل إلى السماء الدنيا ليستقبل كلام من أحب

سابعًا:- كن متفرغ

اقضي حاجاتك قبل ان تدخل في صلاتك لتنعم بها ولا تكن مشغولا بدنياك. والا فان صلاتك ستسرق من بين يديك ويتسرب الخشوع من قلبك وتضيع كنوزها امامك

كيف تتجاوز فترات الفتور في العبادة؟

إن الخشوع يزيد وينقص. وكل ما عليك القيام به أنه حينما يأتيك فترة فتورك فعليك أن تقصرها. وأن ترفع قدر خشوعك حتى لا يهجم الشيطان على رصيدك منه فيقل رويدا رويدا حتى يختفي وتصبح الصلاة عبئا ثقيلا عليك. وبين المد والجزر في فترات فتورك. وقمة عطائك فلا تطل صلاتك في فترات فتورك لأنك إذا أطلتها سهوت واستغل المد الروحي والعلو الإيماني وربيع القلب. وأطل فيها واغرف من معانيها وأعطها حظها من السكينة والطمأنينة

سر الاقبال علي الصلاة

ومن سر اقبال الانسان على الصلاة ان يفرغ قلبه مما قد يمنعه من الاقبال عليها. فالكوب الممتلئ لا يقبل المزيد. لابد ان ان يتم افراغه لتضيف اليه ما تريد لذلك فعليك ان تقبل على الصلاة بكل ذرة من كيانك. ومن صور الاقبال على الله في الصلاة هي اقبال الانسان على حفظ قلبه من الشهوات. ومما يبطله من وساوس وخواطر واقباله على الله بتعظيمه ومراقبته وكأنه يراه وبين يديه واقباله على تدبر معاني كلام الله وتدبر الاذكار يعطي كل حق حقه في في حضور القلب والخشوع واذا استكملت هذه المراتب يكون العبد قد اقام صلاته حقا واستحق ان ينعم عليه بالدخول الى ساحة اللذة الايمانية وارض المنح الربانية

الوضوء تطهير ظاهرًا و باطنًا

شرع الله سبحانه وتعالى الوضوء ليس فقط تطهيرا ظاهرا بل تطهيرا ظاهرا وباطنا. فهو يطهر الاعضاء الظاهرة من الدنس والتراب ويطهر باطن الانسان. ولذلك قرن الله الطهارة بالتوبة. فقال “إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين” فالطهارة للصلاة لها ثواب عظيم اذا كانت تسبقها نية واذا حضرها القلب واذا استخدمها الانسان في تطهير نفسه قبل ان يقف بين يدي الله سبحانه وتعالى ومن جميل بحكمة الله انه جعل الاعضاء الاكثر عرضة للمعاصي هي التي تغسلها خمس مرات في اليوم والليلة وليس فقط هي اكثر عرضة للمعاصي بل هي ايضا تحتك بشكل مباشر بالاتربة ويسهل غسلها خمس مرات فليس هناك مشقة في تنظيفها خمس في اليوم والليلة ولذلك فان للوضوء ثواب عظيم وهو ليس فقط للوضوء كظاهر بل للوضوء نية فان من لم تحضر نيته في الوضوء فالوضوء لا يكفر له سيئاته

أقبل علي الله

تقبل على الله خمس مرات تغسلك من اغلال عدوك الذي يسحبك الى الدنيا واهوائها فكتب الله لك خمس صلوات تتيح لك ان تتخلص من هذا لمدة وجيزة وربما لو اديت ما عليك بشكل سليم تتخلص من قيود عدوك الى الابد…

ألقى الدنيا خلف ظهرك

وكما القيت ظاهرًا كفيك مكبرًا الله مستدبرًا الدنيا فألقها من قلبك في ساعة الصلاة. وكما استقبلت بباطنها الكعبة فاقبل بقلبك على رب الكعبة. ونكس رأسك وخشع القلب مطرق الطرف. واياك ان تلتفت فإن الله سبحانه وتعالى ينصب وجهه لوجه عبده في صلاته ما لم يلتفت. ولا يزال الله مقبلا على عبده ما دام مقبلا على صلاته. فاذا التفت بقلبه وبصره اعرض الله سبحانه وتعالى عنه. وانما هي سرقة الشيطان من ايمانك. فقد قال صلى الله عليه وسلم هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد

الساهي في الصلاة

الساهي في صلاته التائه عن اجمل لحظات قلبه واشهى وجبات روحه الغارق في سكر الشهوة وخمر الغفلة. فتأمل حالك اذا اقبلت على مخلوق مثلك وبينك وبينه حجاب لا يسمى هذا اقبالا فما بالك وانت بين يدي الله عز وجل وبينك وبينه حجاب الشهوات والوساوس والنفس مشغوفة بغيره. فبالله هل يسمى ذلك اقبالا عليه والتفاتا اليه

و التكبير في الصلاة يخلصك من آفتان

فاما الآفة الاولى فهي افة الكذب فانت عندما تكبر تعلن ان الله اكبر في قلبك من كل شيء. فعليك الحذر من ان يكون ذلك مجرد كلمات ينطقها لسانك ولا يستشعرها قلبك

والافة الثانية هي الكبر. فالتكبر منافي للعبودية. والتكبر كأن ترى نفسك خير من غيرك. والكبر هو اكبر مانع من الانتفاع بايات الله. فقد قال تعالى “سأصرف عن اياتي الذين يتكبرون في الارض بغير الحق” لذا شرع الله لك كل هذا التكبير في الصلوات مرات ومرات لتصل الى الشفاء من هذه الافات

دعاء الاستفتاح

واقرأ دعاء الاستفتاح في الصلاة بعد التكبير ولكن ليس بلسانك فقط. واختر منه اما ما به الثناء على الله سبحانه وتعالى بقولك :سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا اله غيرك” وفيه تعظيم لله سبحانه وتعالى وطرد للغفلة واعتراف منك بان الله سبحانه وتعالى اكثر الخلق غافلون عنه

او ادخل من باب المذنبين المرتدين ثوب الاعتراف. عساه يرحمك بقولك “اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب. اللهم نقني من الخطايا كما ينقى الثوب الابيض من الدنس. اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد” وهذا مدخل هام وعلامة فارقة وعهد يتجاوز حدود اللسان الى الجوارح والاركان. ومعلوم ان الثوب الوسخ لا يجدي معه البخور. بل لابد ان يغسل قبل ان يعطر. ومن وظائف استفتاح المغفرة ايضا انه يضع معدلا يوميا للتوبة لا تحبط عنه. فيذكرك بتجديد توبتك على الاقل كل يوم خمس مرات. ولا مكان انسب لك من المحراب ولا مقام ارجى للعفو من مقام الصلاة

او امزج بين الدعائين دعاء التعظيم ودعاء التوبة في قوله “وجهت وجهي للذي فطر السماوات والارض حنيفا مسلما وما انا من المشركين ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك امرت انا اول المسلمين اللهم انت الملك لا اله لي الا انت. انت ربي وانا عبدك ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعا. انه لا يغفر الذنوب انت و إهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لاحسنها الا انت و إصرف عني سيئها. لا يصرف سيئها الا انت لبيك وسعديك. والخير كله في يديك والشر ليس اليك انا بك واليك تبارك وتعاليت استغفرك واتوب اليك”

الإستعاذة

ثم تأتي الاستعاذة فان الصلاة معركة الشيطان و ليس اغيظ واشد على الشيطان من هذا المقام وحرصه على هزيمتك فيه فان لم يستطع صرفك عن الصلاة بالكلية فهو يشغلك بالوساوس. عن القيام بحق العبودية. فامرك الله بالاستعاذة و للاحتماء واللجوء اليه. وعندها فقط يستطيع القلب ان يفضي الى معاني القرآن. ويشاهد عجائبه التي تجري العقول. ولما علم الله حسد ابليس لك وتفرغه لمقاتلتك. وعجزك عن هزيمته امرك بالاستعاذة. وكفى به سلاحا. فانت لا طاقة لك بهذا العدو. فالله سبحانه وتعالى يأمرك ان تستعيذ ليعيزك منه. وتستجير ليجيرك ويكفيك اياه برحمته

وقبل ان تبدأ بالقراءة استشعر مقام المناجاة. واحذر من التعرض لمقته وسخطه. فان الله سبحانه وتعالى اذا لم تقبل عليه بوجهك والتفت عنه يمنة ويسرة. فكيف بالله سبحانه وتعالى قيوم السماوات والاراضين ان يحب عبدا مثل هذا؟

بسم الله الرحمن الرحيم

واستفتح قراءتك بسم الله الرحمن الرحيم وكفى ان الله سبحانه وتعالى اختارها في ليفتتح بها كتابه العظيم. وقد امرنا بان نقرأ البسملة قبل الكثير من العبادات حتى قبل بعض المباحات كالاكل والملبس ونحوها. وتذكر ان الله سبحانه وتعالى اختار لنا ان نردد سورة الفاتحة سبعة عشر مرة في اليوم والليلة. اذا التزمت الفرائض فقط. فما بالك لو انك اتيت السنن وما بالك لو انك زدت النوافل ولابد لذلك من حكمة. لهذا سوف ننظر فيها

السبع المثاني .. وتفسيرها

الحمد لله رب العالمين. اول ايات الفاتحة والحمد أعم من الشكر. فالشكر يكون على العطايا اما الحمد فيكون فيه الثناء الجميل. ويأتي على العطايا والبلايا

واما الفرق بين الحمد والمدح؟ فان الاخبار عن محاسن الغير اما ان يكون اخبارا مجردا من الحب والارادة او مقرونا بحبه وارادته. فان كان الاول فهو المدح وان كان الثاني فهو الحمد وان الحمد يملأ الميزان. وان افضل الدعاء حمد لله. وانه ما انعم الله على عبد نعمة فحمد الله عليها الا كان الحمد افضل من تلك النعمة. وهذا كله فضل الحمد خارج الصلاة. فكيف ثوابه داخلها

ولكن من عظيم الله سبحانه وتعالى انك تحمده على نعمة ينعم عليك بها فهو يمن عليك بان حمدته على النعمة فتحمده انه من عليك لتحمده على النعمة. وهكذا فان الله سبحانه وتعالى هو من الحمد على لسانك وقلبك. فحتى ان حمدته حتى اخر نفس في حياتك فهذا لن يوفي الله سبحانه وتعالى حق نعمة واحدة انعمها عليك أو ألهمك شكرها

رب العالمين والرب لغة هو السيد. المتصرف في الاصلاح والتربية. فالله سبحانه وتعالى كل العوالم التي نعرفها والتي لا نعرفها هو الذي يدبر امرها وموجدها ومغنيها. وكلمة العالمين تشمل حتى الكافر. الذي اعضاؤه خاضعة. ولكن قلبه كافر. وقد قال الحسن البصري ان ظل الكافر يصلي وهو لا يصلي

الرحمن الرحيم. اعادة وتكرير لاوصاف كماله. لذا يجيب الله سبحانه وتعالى اثنى علي عبدي. فان الثناء انما يكون بتكرار المحامد وتعداد اوصاف المحمود. ولكل اية عبودية. فقم بواجبك تجاه هذه واستشعر نعم الله سبحانه وتعالى عليك الكثيرة واخرها انه شملك برحمته فاتيت صلاتك واديتها وغيرك يحاول اما الاقبال في الصلاة واما المواظبة فلا تشمله رحمة الله وتعالى ولا يستطيع ذلك

ما لك يوم الدين. يرد الله عليك فيها مجدني عبدي. والمالك او الملك هو الذي لا يحتاج الى شيء ويحتاج اليه كل شيء وهذه الاية تبين ان قضية الهداية قضية وقت فالكل سوف يهتدي الى حقيقة ان الله سبحانه وتعالى هو ملك كل شيء وذلك يوم القيامة ولكن منهم من سيهتدي في الوقت المناسب ومنهم من ستأخذه الدنيا وغرورها ويعتقد انه ينازع الله سبحانه وتعالى ملكه وجبروته وعلمه فتجده لا يشكر نعمه بل يكفر بها ويطغها. ولكن عندما تقوم القيامة لا تجد امامك الا الله سبحانه وتعالى ولما كان الملك شاملا كذلك لكبريائه وعظمته وعدله ووحدانيته وصدق رسله سمي هذا الثناء مجدا فقال مجدني عبدي فان التمجيد هو الثناء بصفات العظمة والجلال والعدل والاحسان ومقتضى قوله ملك يوم عبودية الذل والانقياد وكفء العبد نفسه عن الظلم والعصيان

ولو ان الله سبحانه وتعالى لم يخرجك من الصلاة الا بانه يرد على عبده ثلاث مرات بعبدي عبدي عبدي حمدني عبدي واثنى علي عبدي ومجدني عبدي فلو لم تخرج بصلاتك غير بهذا فلكان يكفي ولكن الله سبحانه وتعالى يمن عليك بمزيد من الثواب والمغفرة

ثم تصل الى الاية التي تقسم سورة الفاتحة الى قسمين القسم السابق لها قسم الثناء والذي يأتي بعدها هو قسم الدعاء

وهي اول واجب عملي في القرآن. وهو دعوة الى المحاسبة فان الله سبحانه وتعالى يعلم صدقك في قولك اياك نعبد واياك نستعين ويعلم كذبك فيرده. سبحانه وتعالى هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل. فلا تقولن اياك نعبد واياك نستعين وقلبك غافل. فاياك نعبد تقتضي توحيد الالوهية واياك نستعين تقتضي توحيد الربوبية فهي تعينك على تجديد الاخلاص. وتعلمك غاية الحب وغاية الذل والخضوع. وتجدد العجز والاحتياج والتبرأ من حولك وقوتك الى حول الله وقوته وتجمع بين اصلين عظيمين الثقة بالله والاعتماد عليه. وتقتل العجب الذي قد ينشأ في قلبك من عبادتك

ولتقديم الاستعانة اسباب. فهو من باب تقديم الغايات على الوسائل. ومن باب تقديم حق الله على حق العبد. ولان العبادة المطلقة الاستعانة فكل عابد عبودية تامة مستعين ولا ينعكس. ولان الاستعانة جزء من العبادة من غير عكس. ولان الاستعانة طلب منه والعبادة طلب له. ولان العبادة لا تكون الا من مخلص. ولان حق الرب عليك والاستعانة بطلب عونه على عبادتك. ولان العبادة شكر. نعمته عليك. والله يحب ان يشكر. والعبودية محفوفة باعانتين.

اعانة قبلها على التزامها والقيام بها

اعانة بعدها على عبودية اخرى.

ولان اياك نعبد واياك نستعين به وما وما له مقدم على ما به. لان ما له متعلق بمحبته وما به متعلق بمشيئته

ولتقديم اياك اسباب اربعة. افادة الحث والقصر باثبات العبادة والاستعانة. الادب مع ربك حيث قدمته على عباد وفيها اعانة لك على الطاعة اذا ثقلت عليك لتفاجئك هذه الكلمة وسط الصورة. وفيها كذلك نفس لفت نظر الى الغاية ثم الى الوسيلة الموصلة الى هذه الغاية. واعادة كلمة اياك مرة هو تأكيد وجزم على انه لا يجب على الاطلاق ان يعبد غير الله سبحانه وتعالى. وكذلك في التكرار تعليم العباد ان يجددوا ذكر الله ويكرروه ويكثروا منه في كل وقت. وفي التكرار تلذذ بمناجاة الله. والاتيان بضمير المخاطب الحاضر دون ضمير الغائب ضروري لتشعر بالمواجه حقيقية الوقوف الفعلي بين يدي الله سبحانه

اهدنا الصراط المستقيم. فاذا قلت اهدنا الصراط المستقيم انتظر رد الله عليك هذا لعبدي ولعبدي ما سأل. وانك تدعو بهذا الدعاء بعد فراغك من الايات الثناء على الله. وتعهدك بعدم العبادة والاستعانة الا به مما يعجل الاجابة ويرجى به القبول

فل الهداية انواع امور فعلها المرء عاصيا. واستغل الشيطان فيها نقطة ضعفه فقواه اضله. وامور قد هدي الى اصلها دون تفصيلها فهو محتاج الى هداية تفصيلية وهي أمور اعتقد فيها الفرح والخير وهي خلاف ذلك. وامور من الهداية هو قادر عليها ولكن لم تخلق له ارادة فعلها فهو محتاج. في تمام الهداية الى هذه الارادة. وامور هو غير قادرة على فعلها مع انه يريدها فام في هدايته الى القدرة عليها. وامور هو غير قادر عليها ولا مريد لها فهو محتاج الى خلق القدرة عليها. والارادة لها لتتم الهداية. وامور هو قائم بها مهتد لها فهو محتاج الى الثبات عليها حتى الممات

فستشعر بإهدنا ضرورتك وشدة فاقتك الى الهداية. ولهذا فرض الله عليك الرب الرحيم هذا الشأن كل يوم وليلة في افضل احوالك واسمع درجاتك. وهي الصلوات الخمسة

الهداية للخلق أقسام ثلاثة منعم عليهم. فتذكرهم في صلاتك وادعو الله ان تكون معهم في ساحة المحشر. والمراد بالنعمة هنا النعمة التي لا يشوبها كدر ولا تكون عاقبتها السوء فهي شاملة لخيرات الدنيا الخالصة من العواقب السيئة ولخيرات الاخرة التي لا تنفد وهي الاهم. ولاحظ ان الله سبحانه قال انعمت عليهم فلولا انعم الله ما اهتدوا. وانوا بابراز ضمير مانح النعمة من قولك المنعم عليهم. بذكر الله وشكره باللسان والقلب. ليكون هذا الدعاء مقترنا بالشكر والذكر

اذا ما هي النعمة؟ النعمة هو “اليوم أكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا” فالنعمة ليست من نعم الدنيا ولا من متاعها. فالنبي صلى الله عليه وسلم ما رأى من نعيم الدنيا شيئا قط. ولكن ما هنا حياء. اتباع الله سبحانه وتعالى والطاعة ونعمة القرب من الله. ونعمة الفوز في الاخر

القسم الثاني هو المغضوب عليهم. اعرف الهداية ولكن انسلخوا عنها عملا. وقد جاءت الصيغة عامة ليدخل مع غضب الله سبحانه وتعالى غضب الملائكة والانبياء والمؤمنين فهؤلاء ملعونون بكل لغة من الجميع. وهنا مزج بين مقام الخوف والرجاء. حتى لا تستغرق في مقام الانعام فتذهل عن المقام الاخر.

والثالث هما الضالون. حائدون عن الهداية حائرون لا يهتد اليها سبيلا. لم يوفقهم الله ولم يعطهم الهداية. فانت تدعو الله في صدقاتك ان يهديك الصراط الذين انعم عليهم لا صراط من عرفوا الحق ورفض اتباعه او صراط من ضل الطريق وتاه فلم يرى الحق ابتداء ولم يوفق للعمل به امتحان

ثم تشرع بعد ذلك في الدعاء في التأمين اخر هذا الدعاء متفائلا بالاجابة وطابعا عليه. واصغي لتأمين الملائكة معك. وهذا التأمين ينطق به المصلون في في نفس واحدة. وهذه من وحدة هذه الامة الرائعة هو نظامها الفريد الذي لا تقدم فيه ولا تأخر

التكبير لركوع

ثم ارفع يديك مكبرا ومعظما لله التكبير الذي هو في انتقالات المصلين من ركن الى ركن كما انتقالات الحاج من مشعر الى مشعر. فهو ينتقل بالتلبية وانت تنتقل بالتكبير. والركوع خضوع بظاهر الجسد لذا ان شئت سميت الركوع ركن الخضوع للعظمة. ولهذا قال النبي “فاما الركوع فعظموا فيه الرب” ففي الركوع خضوع القلب وخضوع الجوارح وخضوع اللسان على اتم الاحوال

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يطيل الركوع كاطالته للقيام. وكان يكرر فيه الاذكار في تدبر. وقد اخترنا لك ادعية تضاف الى سبحان ربي العظيم. توصلك الى الهدف منه وهي “سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة” “اللهم لك ركعت وبك امنت ولك اسلمت خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي” “سبوح قدوس رب الملائكة والروح. سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي”

ومن تقلبك في هذه الادعية وفهم معانيها تصل الى هدف الركوع الذي اسميناه انفا الخضوع وان لم تصل الى هذا المعنى في ركوعك فلا ترفع رأسك منه حتى تتذوقه

الإستواء من الركوع

ثم استوي قائما بعد الركوع. وكما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ويطيل الركوع والسجود فكان ايضا يطيل المقام بعد الركوع وكان يقول فيه دعاء “ربنا ولك الحمد ملء السماوات وملء الارض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد. اهل الثناء والمجد احق ما قال العبد. وكلنا لك عبد اللهم لا مانع لما اعطيت ولا معطي لما منعت. ولا ينفع ذا الجد منك الجد”

هذا الدعاء يشمل انك تدعو الله سبحانه وتعالى ملء السماوات وملء الارض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد اي ملء ما لا يتصوره عقلك وادراكاتك مما فوق السماوات والارض وتقول فيه اللهم لا مانع لما اعطيت ولا معطي لما منعت فاغرس في قلبك اليقين بانه المتفرد بالمنع والعطاء وانه اذا اعطى لم تطق السماوات والارض بمن فيهن ان تمنع عطاءه

ولا ينفع ذا الجد منك الجد. اي ان الله سبحانه وتعالى لا يخلص من عباده من له كرامات من بني ادم دنيوية مثل الرئاسة والغنى والملك والسلطة والجاه. انما ينتفع به التقرب الى الله بطاعته وايثار مرضاته

او قل “اللهم لك الحمد حمدا طيبا مباركا فيه” او قل “اللهم لك الحمد”وفي كل الخير وفي كل اجر وفي كل سعة

السجود

ثم كبر وخر ساجدا لله. ولا ترفع يديك فان اليدين تخران مع الوجه للسجود. وان السجود من ابلغ هيئات العبودية. فانك تحر لله خاشعا ذليلا. ليردك بذلك الى اصل العبودية ويكفي السجود شرفا ان الله جعل علامته في اشرف اعضاء الانسان وهي الوجه.

حين قال سبحانه فيما “سيماهم في وجوههم من اثر السجود” وجاء في بعض التفسيرات بأن السجود يقصد به الخشوع. غير ان البعض فسرها بالخشوع والبهاء الذي يعلو الوجه وان النبي صلى الله عليه وسلم يعرف امته بكونهم غرا من اثر السجود. وكلما كان سجودك في الدنيا اطول واكثر كلما اشتد وجهك اشراقا يوم القيامة ويكفي السجود كرما ان الله حرم على النار ان تأكل من وجه ابن ادم اثر السجود.

للسجود ست وظائف الاولى الذل والافتقار الى الله سبحانه فانت تدخل الى الله مفتقرا خاشعا ذليلا. وهذه من اقرب الابواب التي يدخل بها العبد على ربه سبحانه وتعالى.

وان امكنك الا تجعل بينك وبين الارض حائلا فتسجد على الارض مباشرة فافعل فان ذلك ادعي للخشوع وادل على الذل وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يتقي بوجه الارض فيسجد عليها بلا حائل. واعطي كل عضو من اعضائك من الذل والعبودية. فرأسك بالارض بين يدي ربك راغما له انفك معفرا وجهك. وقد سجد معه انفك ويداك وركبتاك ورجلاك.

وارفع بطنك عن فخذيك وفخذيك عن ساقيك وعضديك عن جنبيك. ولا تضعهما على الارض ليستقل كل عضو من اعضائك بالعبودية ويأخذ كل جزء منه حظه مرفوع. لا ان يحمل بعضهم بعضا. وبهذا تبلغ غاية خشوع الظاهر

وبعد ان بلغت اقصى مظاهر خشوع الظاهر بقي لك خشوع الباطن. فلابد من مطابقة قلبك لخشوع جسدك. فليسجد القلب في اثر الجسد متذللا لعظمة ربك خاضعا لعزته. وكلما كان القلب في خضوع تام لربه امكنك استدامة هذا السجود الى يوم القيامة.

ثانيا القرب القرب. فان استشعار السجدة لذة القرب من الرب الجليل. ولن تقترب منه في وقت من الاوقات مثل السجود “واسجد واقترب” لعل هذا هو السر في الراحة القلبية العظيمة والسكينة الروحية العالية التي يجدها الساجد في سجوده. والقريب يستجيب الله على الفور دعاءه ولهذا فكان السجود موضع من مواضع اجابة الدعاء.

ثالثًا دعوة الملهوف فوجب الاجتهاد في الدعاء. لان اقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد. فمن منا لا يعيش ذنوب تؤرقه او منغصات تضايقه او رزق يعسر عليه فبث كل شكواك الى الله سبحانه وتعالى. ولا تكن انانيا فتنسى اخوانك في دعائك. واياك وان يغلب ظنك اليأس بعدم الاجابة ببشرى الامام الحافظ سفيان ابن عيينة “لا يمنعن احدكم من الدعاء ما يعلم من نفسه فان الله عز وجل اجاب دعاء شر الخلق ابليس لعنه الله اذ قال ربي انظرني الى يوم يبعثون. قال انك من المنظرين

ثالثًا الحط من الذنوب أنت ساجد ان ذنوبك موضوعة فوق رأسك. وكلما اطلت وخشعت وبكيت وصدقت في التوبة تتساقط فلا ترفع رأسك من سجدتك بغير الوجه الذي سجدت به. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم “ان اذا قام يصلي اتى بذنوبه كلها فوضعت على رأسه وعاتقيه. فكلما ركع او سجد تساقطت عنه”

رابعًا العزة والافتخار استشعر في سجودك روح العزة وانت تحن. هامتك لا لاحد الا لله سبحانه. فلا تستعين ولا تتوكل الا عليه

سادسًا عبودية المراغمة امتلئ بنشوة الانتصار ولفظة الظفر وانت تقهر عدوك واسمع وانت ساجد صوت شيطانك وهو يبكي منتهبا في ناحية مصيلاك وليس احب الى الله من من عبودية المراغمة. وهي ارغام انف عدوه في التراب. وليس اعدى له من عدوه ابليس. لذا عظم قدر السجود وقرب من يفعله

التمهل التمهل

واحرص على الا تتعجل في صلاتك فان المستعجل لا يستشعر حلاوة الصلاة. واطل سجودك واتم ركوعك ووقوفك بين يدي الله سبحانه وتعالى. فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم في السجود عن نقرة الغراب اي المبالغة في تخفيف السجود وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من سرعة الركوع والسجود لا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع والسجود.

وللسجود اذكار منها “سبحان ربي الاعلى” “اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله واوله واخره وعلانيته وسره اغفر لي خطئي وجهلي واسرافي في امري وما انت اعلم به مني” اللهم اغفر لي جدي وهزلي وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي. اللهم اغفر لي ما قدمت وما اخرت وما اسررت وما اعلنت. انت الهي لا اله الا انت فردد هذه الادعية والاذكار في سجدة توبة تؤكد فيها عودتك الى الله سبحانه وتعالى على الا تعود الى ذنوبك اخرى

ومما يجعل قلبك اكثر حضورا وروحك اكثر حياة. الذي يوصلك اليه دعاء. “اللهم لك سجدت وبك امنت ولك اسلمت. سجد وجهي للذي خلقه وصوره فاحسن صوره وشق سمعه وبصره. فتبارك الله احسن الخالقين.” في نوبة حياء تعتريك من توالي نعم الله عليك. مع توالي عصيانك له. مع توالي احسانه. مع تتابع اساءاتك تتحول هذه السجدة الى سجدة حب بين يدي الله سبحانه وتعالى. او فلتدعو بقوله “اللهم اني اعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك. واعوذ بك من لا اخفي ثناء عليك انت كما اثنيت على نفسك.” وهذا الدعاء للاستغفار من التقصير في بلوغ الواجب من حق عبادة الله سبحانه والثناء عليه

ما بين السجدتين

ثم لتعلم ان حالك بين السجدتين كبير وعظيم. فالله سبحانه وتعالى جعل له سجدة قبله وسجدة بعده. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يطيل الجلوس بين السجدتين. لما له من طعم خاص و مختلف للقلب. غير مذاق وطعم الركوع والسجود. وكان يقول النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الجلسة “اللهم اغفر لي وارحمني وعافني واهدني وارزقني.” وهذه الكلمة جامعة خير الدنيا والاخرة.

ويمكنك ان تردد بها هذا الدعاء وهي روح المذنب المقصر في حق مولاه. والمتمادي في جرائمه فتفصح. عن رغبتك الاكيدة في ان يغفر لك الله سبحانه وتعالى. الاستغفار بين السجدتين. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يكرر الاستغفار في هذه الجلسة فيقول بين السجدتين. “ربي اغفر لي ربي اغفر لي. ربي اغفر لي. “

السجدة الثانية

ثم تعود الى السجدة الثانية. ولو رأيت ان السجود يكرر مرتين عكس الركوع والوقوف في الركعة الواحدة فلتعلم انه يعبر اكثر عن العبودية من غير من اركان الصلاة. وكما انه يكون العبد من ربه اقرب وهو ساجد

وذلك حال كل صلاتك

ثم كرر هذه الافعال والاقوال في ركوعك وسجودك وقيامك لصلاتك كلها. فتكرارها كما تكرار الاكل للجائع يأكل لقمة بعد لقمة حتى يشبع. وفي اعادة كل قول وفعل مما سبق من العبودية والقرب. وحصول مزيد خير وايمان ومعرفة واقبال. وفيه كذلك تنزل الركعة الثانية منزلة الشكر على الركعة الاولى. وفيه كذلك تدارك ما فاتك في ركعتك الاولى. وبالركعة الثالثة والرابعة ما فاتك في صلاتك وكن حذرا مما قاله نبيك صلى الله عليه “وسلم ان الرجل ليصلي ستين سنة وما تقبل له صلاة ولعله يتم الركوع ولا يتم السجود ويتم السجود ولا يتم الركوع”

التشهد.. ومعني التحيات

ثم تصل للجلوس والتشهد. ومعنى التحيات. وعن عبد الله بن مسعود قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اعطيت فواتح الكلمة وخاتمة. قلنا يا رسول الله علمنا مما علمك الله عز وجل فعلمنا التشهد

والتحيات جمع حيا واصلها من الحياة. والمطلوب من تحيى بها دوام الحياة. كما كانوا يقولون لملوكهم لك الحياة الباقية ولك الحياة الدائمة. والله وحده هو الذي كل شيء هالك الا وجهه فهو اولى بالتحيات من كل هؤلاء

والتحيات لله كذلك السلام له من جميع الافات التي تلحق العباد من العناء وسائر اسباب الفناء. وذلك لا ينبغي الا لله الحي القيوم الذي لا يموت.

الصلوات والطيبات. ثم اعطف عليها الصلوات فالتحيات لها ملك والصلوات لها عبودية. والتحيات لا تكون الا لله والصلوات لا تنبغي الا لله. والطيبات تتناول الوصف والكلام والفعل. فسبحانه طيب لا يقبل الا طيبا وافعاله كلها طيبة وصفاته اطيب شيء. وهو اله الطيبين وربهم هو سبحانه وتعالى جيرانه في دار كرامتهم الطيبون. ولا يقرب منهم الا كل طيب. وما طابت شيء قط الا بطيبته سبحانه. وكلامه طيب. وكلامه معنى تسبيحه وتحميده وتكبيره ومن هذه الكلمات الطيبات سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا اله غيرك

وقد يقصد بالطيبات ان العبادة والاخلاص وكمالها من الشوائب لا يكون الا لله سبحانه. او كذلك يقصد ان العبادة القولية والصلوات العبادات الفعلية والطيبات الصدقات المالية.

ثم سلم على سائر عباد الله الصالحين. ويجعلك ذلك تستشعر ان عليك حقا لعباد الله. ذلك ان السلام دعاء والله يطلب من المسلم ان يدعو في صلاته لصفوة خلقه. والسلام اسم من اسماء الله الحسنى وتأويله لا خلوت من الخيرات والبركات. سلمك الله من وكل ما يوجد الندم. فاذا قلت السلام عليك ايها النبي فاقصد به. اللهم اكتب لمحمد في دعوته وامتي السلامة من كل نقص. فتزداد دعوته على الايام علوا وامته كرامة وعزة. وذكره ارتفاعا. واما الرحمة فهي ايصال كل خير له واثبات على كل ما بذل في حقنا

وتذكر وانت تسلم على النبي صلى الله عليه وسلم انه قال “ما من احد يسلم علي الا رد الله علي روحي حتى ارد عليه سلامه” واستشعر فخر وعظمة هذا الفعل واي اجر تأخذه عليه. وتذكر النبي صلى الله عليه وسلم وكيف انه يرد سلامة.

ثم سلم على سائر عباد الله الصالحين. مستصحبا اهمية الصحبة الصالحة. ومعليا قيمتها مع استشعار ان هذا السلام يعم كل عبد صالح في السماء والارض. مما يجعل تارك الصلاة المفرط مقصرا في حق كافة المسلمين انه اضاع حقهم عليه في الدعاء.

التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك يا ايها النبي ورحمة الله وبركاته. السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين قال النبي صلى الله عليه وسلم “فانكم اذا قلتم ذلك اصاب كل عبد في السماء والارض”

ثم في قول الكوفيين انه اذا وصلت الى التشهد فلك ان تجلس وتكمل او لك ان تقضي صلاتك وتنهيها او على قول اهل الحجاز فانت قد شارفت على انهائها. واعلم ان الله سبحانه وتعالى جعل الشهادة هي التي بنيت عليها الصلاة ومعنى الشهادة هي ما بني عليه الصلاة. فارفع سبابتك وانت تتشهد واستشعر بذلك انك تختتم صلاتكوقد هزمت شيطانك وقهرته بسبابة التوحيد.

بعد ذلك تنتقل الى الصلاة على النبي واله. ثم استمر في هجومك على شيطانك او الحاق الاذى به عن طريق ذكر اسم أشرف الخلق ارادة له وانتصارا عليه وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلي على اله لكي تقر عين نبيك باكرام اهله والصلاة عليهم.

وكل الانبياء بعد ابراهيم هم من ال ابراهيم. لذلك نقول كما صليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم وجاءت التحيات اولها حمد لله وثناء عليه ثم الصلاة على رسوله ثم الدعاء اخر الصلاة بقولك وبارك على محمد اي ادم وثبت ما اعطيته له من التشريف والكرامة. واصله من برك البعير اذا لزم موضعه ولجمهه. وتطلق البركة على الزيادة ومعناها في الاصح اي بارك في رسالتي التي جاء بها فهو ان فارقنا بروحه الا ان تعاليمه خالدة وبركته باقية

وقد قيل في ال محمد هو كل من اقتفى الاثر ونهل من النبع ومعنى البركة هنا نأخذه من شيء في الاسلام عن سفيان ابن عيينة في تفسير قوله “وجعلني مباركا” اي معلما للخير وهذا يدل على ان تعليم الرجل الخير هو البركة التي جعلها الله فيه فان البركة حصول الخير ونماءه ودوامه. وهذا في الحقيقة ليس الا في العلم الموروث عن الانبياء وتعليمهم

ثم تقول انك حميد مجيد وحميد اي محمود مستحق لجميع المحامد على ذاته وصفاته وافعاله. ومجيد هو هو المتصف بالمجد والمجد هو كمال الشرف والكرم والرفعة والصفات

ثم استعذ بالله من مجامع الشر كله امتثالا لوصية حبيبك الذي كان يعلم اصحابه هذا الدعاء بعد الفراغ من التشهد. اذا تشهد احدكم فليتعوذ من اربعة من عذاب جهنم ومن عذاب القبر وفتنة المحيا والممات ومن شر المسيح الدجال ثم يدعو لنفسه بما بدا له. وشر كل الشر في عذاب الاخرة نوعان. عذاب القبر وعذاب النار. والاسباب المؤدية اليه. فهي الفتنة وهي كذلك نوعان كبرى وصغرى. فالكبرى هي فتنة الدجال وفتنة الممات. لان المفتون بهما لا سبيل له ليتدارك نفسه اذا وقع فيهما.

واما الفتنة الصغرى فهي فتنة الحياة وهي تشمل فتنة الاهل والمال والدنيا. وهي اهون من فتنة الممات والدجال. لان المفتون بها يمكن ان يتدارك نفسه بالتوبة. واذا سألت ما فائدة التعوذ من هذه الامور التي عصم الله نبيه منها؟ قلت انما لكي لنلتزم خوف الله تعالى على الدوام ولتقتدي به امته. فاذا قلت وما فائدة تعوذه واصحابه من فتنة الدجال مع انه علم بيتأخره من زمانه وزمان صحابته بكثير. فائدته ان ينتشر الخبر بين الامة الي جماعة و جماعة حتى لا يلتبس على المؤمنين امره. عند خروجه.

وهذا دعاء من العام بعد الخاص لان عذاب القبر داخل تحت فتنة الممات. وفتنة الدجال داخلة تحت فتنة المحيا

والدعاء الاخر التي شرع لك ان تدعو به بين التشهد والتسليم. اللهم اغفر لي ما قدمت وما اخرت وما اسررت وما اعلنت وما اسرفت. وما انت اعلم به مني انت المقدم وانت المؤخر لا اله الا انت. واذن للمصلي في ختام صلاته ان يتخير من المسألة ما يشاء وكأنه قيل له تخيل من الدعاء ما تشاء فقد اديت الحق الذي عليه

صفحتنا علي الفيس بوك – خلاصة كتاب

التسليم عقب الإنتهاء

وانوي بالتسليم التحلل من الصلاة. كما ان تنوي به الدعاء لمن ورائك ان كنت اماما او حتى ان كنت منفردا. فانت تدعو لاخوانك المسلمين بالسلام. وان تسلم على الملائكة والحاضرين. وانو به ختم الصلاة. واستشعر شكر الله سبحانه على توفيق اتمام هذه الطاعة. وتوهم انك مودع لصلاتك هذه. وانك ربما لا تعيش لمثلها ثم اذق قلبك الوجل والحياء من التقصير في الصلاة

ثم استشعر الحزن لانصرافك من بين يدي الله تعالى للاشتغال بالدنيا والعلائق والشواغل. التي استرحت منها ساعة وقوفك لربك. ولن يشعر بذلك الا من كان قلبه حيا معمورا بالايمان. عالما بما تجاه الخلق ومخالطتهم من الاذى والنكد وضيق الصدر وظلمة القلب وفوات الحسنات وكفات السيئات

ثمرة العبادات

وكما ان لكل عبادة ثمرة فثمرة الصوم تطهير النفس وثمرة الزكاة تطهير المال وثمرة الحج وجوب المغفرة وثمرة الجهاد تسليم النفس الى الله سبحانه وتعالى فكذلك ثمرة الصلاة هي الاقبال على الله سبحانه على الله مفتاح الانتفاع بالصلاة كما انه ثمرة من ثمراتها. ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم اختار من بين كل العبادات ليقول فيها “وجعلت قرة عيني في الصلاة “ولما اراد النبي صلى الله عليه وسلم الراحة قال “يا بلال اقم الصلاة ارحنا” واما من لغى في الكلام وارتكب الاثام وشبع حتى صار بطنه كبطن الدب من الحرام فمن اين يأتيه الخشوع والراحة؟

وهذا حال اكثر الناس اليوم للاسف. فيمتلئ قلبه بالشهوات متعاطيا اسبابها واحدا تلو الاخر ثم يقوم الى الصلاة يطلب المعجزات وينتظر الفتوحات وكل جارحة من جوارحه في بلد او حارة اما قلبه فقد مات.

موجز الكتاب

ثم يمنحك الكاتب موجز الاسرار وهو بمثابة ورد محاسبة نووي تقيس به مقدار خشوعك في صلاتك. في الوضوء لا تنسى دعاء الفراغ من الوضوء. صلي بعد الوضوء ركعتين ان استطعت. استحضر بقلبك نية الطهارات الثلاثة والذنب والدنس في المشي الى المسجد انوي بمشيتك المسجد انك عائد الى الله لتصالحه في بيته.

وفي التكبير جد صدقك وفر قلبك مما سوى الله. واطرد الكبر او شبهة الكبر من قلبك. اقصد اجلال الله وتعظيمه بالقلب واللسان. في دعاء الاستفتاح التعظيم املأ منه صدرك بعظمة الرب. استفتاح المغفرة انوي به تجديد توبتك واثبت لله صدق توبتك.

الاستعاذة اقصد الله الاستعانة بركن الله الشديد وسلطانه العظيم على اعدى اعدائك. والاحتماء بالله واللجوء اليه. وفي الفاتحة قف عند رأس كل اية وانت بالله عليك حقق الحمد بلسانك وجوارحك. تأمل في مظاهر رحمة الله لتصل الى حبه.

توهم حالك يوم الدين. اقصد الهدايات السبع عند قولك اهدنا. اعزم على السير على الصراط المستقيم بمراتبه الستة. راجع نفسك ان تكون ممن عرف الحق ثم حاد عنه فتكون من المغضوب عليهم او ممن ضل طريقه اليه فتكون من الضالين. في التأمين تفاءل بالاجابة ويقن بها. انوي ان يوافق تأمينك تأمين الملائكة ليغفر لك.

ارفع به صوتك لانه شعائر الاسلام ويغيظ اليهود. في الركوع اقصد تعظيم الله وحده. اخرج من قلبك اي تعظيم له راجع نفسك في خضوع كل جوارحك لله بلا استثناء. وفي كل احوالك بلا استثناء وكل اوقاتك بلا استثناء. احذروا الخضوع المسمى المؤقت الموسمي وراجع نفسك لعلك ساقط في براثنه وانت لا تشعر.

في القيام من الركوع جدد ارسال رسائل الحمد لله متناهية الى الله ايقن بتفرد الله بالمنع والعطاء. انوي غفران الذنب اذا وافق حمدك حمد الملائكة

وفي السجود تحقق بالفقر والذل البس. ثوب العزة والغنى بالله تلذذ بالقرب من ربك اثقل ذنوبك او جارك على عاتقك اقتنص فرصة الدعاء في السجود. لا تنسى عبودية المراغمة بين السجدتين اكثر طلب المغفرة في استغاثة وتضرع يساعدك على هذا هيئة الجثو وعلى الركبتين

استحضر شدة حاجتك الى الدعاء الجامع المأثور بان يغفر الله لك ويرحمك ويعافيك ويهديك ويرزقك. في التشهد اقصي بها اقصد بها وداع الصلاة. سلم على النبي واستحضره امامك يرد عليك. استشعر اهمية الاخوة العامة مع الجميع المؤمنين والاخوة الخاص الصحبة الصالحة. قد توحيدك بالشهادتين راجع نفسك في قيامك بواجبك في الدعوة الى الله.

في التسليم استشعر لوعة الفراق والم العذاب بالرجوع الى هموم الدنيا واكدارها. اني بالتسليم السلام على الملائكة والحاضرين. واخيرا ومع كل ما سبق. اياك ان تنسى ما فات

أقرأ ايضا رسائل من القرآن: هدايات وتأملات في ظل الكتاب العظيم

تذكر صلاة السابقين

ثم تذكر صلاة السابقين ومن سيرهم وسير المحبين. فكانوا يقولون ان ابن الزبير اذا صلى كانه غصن شجرة واذا سجد كان تحط العصافير على ظهره لا تحسبه الا جذع حائط مسلمة ابن اليسار صلى في المسجد فسقط اسطوانة المسجد وانهدمت وهو لا يشعر. وان يعقوب الحضرمي لم يرى في زمانه مثله بلغ من الزهد انه سرق رداؤه عن كتفه في الصلاة. ولا ووقع حريق في بيت علي ابن الحسين وهو ساجد فجعلوا يقولون يا ابن رسول الله النار نار فما رفع رأسه حقا صفر. فقيل له في ذلك فقال الهتني عنها النار الاخرى. وكان مسلم ابن يسار يقول لاهلي اذا دخل في صلاته تحدثوا فلست اسمع حديثكم

ختامًا

وبعد الانتهاء من هذا الكتاب اجعل شعار صلاتك قلب يتأثر وروح تترقى ونفس تتقوى وعزم يتبدى وسابدأ من اللحظة لانه كلما طال علمك بهذا الكتاب دون ان تعمل ستدخل مرحلة التسويف والتي يضيع معها حماس العمل وتتفتر بها الهمم وليكن الله معينًا لنا