كثيرون يعتبرون المكانة العالية من بين افخر واثمن الامتعة الدنيوية  

اذا كان موقعنا علي درجات السلم مصدر لكل هذا الهم فذلك لان صورتنا الذاتية تعتمد بشدة علي ما يراه الاخرون واننا نستند الي علامات الاحترام من الناس لكي نتقبل انفسنا ليبقي الاشد مدعاة للأسف ان تحقيق المكانة مهمة صعبة والاحتفاظ بها علي مدار عمر كامل اشد صعوبة من تحقيقيها فموقعنا يتوقف علي ما نستطيع تحقيقه وقد نفشل لأسباب كثيرة ومن الاخفاق سوف تتدفق المهانة وهي وعي حارق بعجزنا عن اقناع العالم بقيمتنا ومن ثم يحكم علينا بالنظر الي الناجحين بمرارة والي انفسنا في خزي                     

يخرج الفقير ويدخل من دون ان يلتفت اليه وعندما يكون وسط جمع يبقي غائم الصورة وفي المقابل فان الرجل ذا المكانة والتميز تركبة عيون العالم كله والجميع في لهفة الي رؤيتة وافعالة موضع اهتمام الناس علي العموم والدافع المهيمن وراء رغبتنا في الارتقاء علي درجات السلم الاجتماعي مرتبطا اكثر بمقدار الحب الذي نتطلع له ومعنا ابداء الحب لنا ان نشعر اننا محط عناية وفي ظل مثل تلك الرعاية ننتعش ونزدهر     

أهمية الحب

اذا تجاهلنا كل شخص وتصرف كما لو كنا كائنات لا وجود لها فسرعان ما تتصاعد بداخلنا نوع من الحنق ويعد اهتمام الآخرين مهما لنا لأننا بحكم طبيعتنا مبتلون بانعدام يقين نحو قيمتنا الخاصة ونتيجة لهذه البلوي فأننا ندع تقييمات الاخر لنا تلعب دورا حاسما في الطريقة التي نري بها انفسنا في حين ان ابتسامة او مجاملة تنشط داخلنا التقييم المقابل للسرعة ذاتها .
نبدو مدينين لعواطف الآخرين التي لولاها لعجزنا عن تحمل انفسنا ويمكن ان نتصور (الانا) او فكرتنا عن انفسنا مثل بالون يسرب فهو دائما بحاجة لضخ هيليوم المحبة الخارجة ليبقي منتفخا انه حد منطقي وعبثي في آن واحد ذلك الذي يصل اليه ارتفاع معنوياتنا او انخفاضها بناء علي اهتمام الآىخرين او اهمالهم لنا اي المحبة التي من دونها لن نكون قادرين علي الثقة في شخصياتنا او التمسك بها

الغطرسة

بدا استخدام كلمة وهي الغطرسة المبنية علي التمييز الطبقي تحديدا وقيل انها (snobbery)مشتقة من تعبير (sine   nobilitate ) اي من خارج طبقة النبلاء وصارت تختصر الي (s.nob) .

وجدت فئة المتغطرسين عبر التاريخ حيث يظهر التباهي في النفس بتشكيله متنوعة من الجماعات المتميزة مثل الاساقفة والشعراء ونجوم هوليود واول ذكرياتنا عن الحب هي ان نتلقي الرعاية ونحن في حالة الي الاحتياج فالطفل الرضيع محبوب بالرغم من ميلة للعواء وحينما نبلغ سن الرشد تعتمد عاطفة الآخرين علي ماننجز ونقدم ويتساءل البعض كيف لك ان تتخلص من الغطرسة والنفاق الاجتماعي طالما كان هذا الهراء واللهو معروضين امام عينيك الا سحقا للصحف فهي قاطرة الغطرسة وناشرة النفاق ولو ان صحفنا استغنت عن جزء يسير من اهتمامها بالمشهورين لصالح التركيز علي اهمية ومغزي حياة البسطاء من الناس فاذا كان الفقر هو العقوبة المادية المعهودة لمن يشغلون مكانة دونيا فان الاهمال واشاحة النظر بعيدا هي العقوبات العاطفية التي وضعها عالم متغطرس 

التقدم المادي

خلال العصور الوسطي والحديثة المبكرة كان اغلب سكان اوروبا يعانون الفقر الشديد ونقص التغذية وبعد قضاء عمر كامل في العمل ربما كانت اثمن ممتلكاتهم بقرة او عنزة او قدر من الفخار ثم بدا التحول الغربي الكبير انطلاقا من بريطانيا في مطلع القرن الثامن عشر بفضل تقنيات الزراعة الحديثة واتباع الطرق العلمية في تربية المواشي وتضاعف القوة الانتاجية وشهد القرن  التاسع عشر توسعا وانتشارا لثورة المستهلك وافتتحت متاجر عملاقة في انحاء اوروبا وامريكا وظهور مجموعة من المبتكرات التكنولوجية ساعدت في توسيع الآفاق العقلية واخذ التقدم المادي يتسارع بدرجة اعلي في القرن العشرين وتقلص الفارق بين الغني والفقير بفضل الانتاج الضخم والتطور

المساواة والتطلع والحسد

اذا كنا مضطرين للعيش في كوخ غير صحي راكعين امام الحكم الغاشم لارستقراطى يشغل قلعة كبيرة جيدة التدفئة ونرى رغم ذلك ان اشباهنا يعيشون جميعا كما نعيش تماما فان حالنا عندئذ سيبدو عاديا سيكون مؤسفا بكل تأكيد ولكنه ليس تربة خصبة لنمو الحسد وفي المقابل حتي لو كنا نملك بيتا جميلا وعملا مريحا فاذا عرفنا ان احد اصدقائنا القدامي يسكن الان في منزل اكبر ووظيفة احسن من وظيفتنا ف اغلب الظن اننا سنشعر بسوء الحظ ويتولد عنه  القلق والنقمة وقد تكون السمة الاشد تقديرا في الحسد هي اننا ننجح في ان لا نحسد جميع الناس اننا نحسد فقط اولئك اللذين نشعر بأننا اشباه لهم فقد نتسامح مع كل نجاح يحققه الاخرون الا نجاحات اندادنا فهى لا تطاق .                    

يترتب علي ما سبق انه كلما ازداد عدد الاشخاص الذين نعتبرهم اندادا لنا ونقارن انفسنا بهم سيزداد عدد من نحسدهم وكان الاعتقاد بأن التفاوت بين الناس امرا منصفا لا مناص منه واعتقادا مقبولا لدي المقهورين انفسهم وبدت امكانية النظر الي الناس نظرة اكثر نزوعا للمساواة عندئذ فقط امكن ان يظهر مصطلح التفرقة العنصرية الذي يدين هذا التوجه ان الدافع النظري نحو المساواة السياسية واتاحة فرص اجتماعية واقتصادية منصفة امام الجميع ظل علي مدار قرن ونصف مجرد كلام في الهواء الي ان وجد اخيرا تجسيده الملموس في الثورة الامريكية عام 1776 لقد غيرت (حرب الاستقلال) الي الابد الاساس الذي تحددت مكانة المرء وفقا له وتحول المجتمع الامريكي من نظام هرمي ارستقراطي وراثي الي نظام اقتصادي مفعم بالحركة والحيوية تتكافأ في المكانة الشخصية بتناسب مباشر مع منجزات كل جيل جديد والتوقف عن استخدام كلمات (سيدي-معالية)وسن قوانين ضد استئثار الابن الاكبر بميراث ابيه ومنحت حقوق ملكية متساوية للبنات والارامل وكان هدف الثورة تأسيس مجتمع تفتح فيها ابواب جميع الوظائف والمناصب امام اصحاب الكفاءة بصرف النظر عن طبقتهم او ظروفهم حتي مقاليد الولاية يمكن ان يمسك بها ابن افقر رجل اذا امتلك القدرات المكافئة لهذا الموقع الهام .          

ان التخلي عن الطموحات الكبيرة لهو نعمة جالبة للارتياح بمثل قدر تحقيقها تماما . وليس معروفا عن مجتمعات الغرب تشجيعها علي التخلي علي الطموحات الكبيرة وكلما تفتت الايمان بوجود عالم اخر بعد الموت فان التطلعات المحبطة لابد ان ترتفع اكثر اما عندما ينجز الايمان بحياة اخري فسوف يتعاظم الضغط من اجل النجاح وهناك مؤلفات تهدف الي توعية وتعليم قراء لديهم طموحات كبري رغم وسائلهم المتواضعة مثل كتاب (ايقظ العملاق في داخلك) وقد ساهم الاعلام منذ اواخر القرن التاسع عشر في رفع التطلعات الي مستوي اعلي مما سبق وهناك مستويات سعادة نسبية لدي الانسان البدائي والانسان الحديث تعيدنا للتأكيد علي دور التطلعات في تحديد حصتنا من تقدير الذات قد نكون سعداء كفاية بالقليل اذا كان هذا القليل هو ما نتوقع وقد نكون تعساء بالكثير عندما يتم تعليمنا ان نرغب في كل شئ. الثمن الذي ندفعه مقابل تطلعنا لان نفوق ما بلغه اسلافنا هو قلق متواصل ينبع من اننا ابعد ما يكون عن تحقيق كل ما قد نستطيع.         

                        

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *