بلا شك، الحضارة الإسلامية هي واحدة من أغنى حضارات العالم، وتمتاز بوجود عديد من الشخصيات القيادية التي بذلت كل ما لديها للحفاظ على سمو راية الإسلام في كل زمان ومكان.
اليوم، سنستعرض حياة وإنجازات شخصية بارزة في تاريخ المسلمين والمغرب الإسلامي، هو عبد المؤمن بن علي الكومي. هو المؤسس لدولة الموحدين، والتي سادت على مناطق واسعة من المغرب العربي الكبير والأندلس. عبد المؤمن، المعروف أيضا بأمير المؤمنين، لعب دورًا حاسمًا في تاريخ الإسلام والحضارة الإسلامية.
جدول المحتويات
عبد المؤمن بن علي الكومي: الأصول والتكوين الأولي
من أجل فهم هذه الشخصية التاريخية بشكل أعمق، دعونا نبدأ بالتعرف على جذوره وطفولته. الاسم الكامل له هو عبد المؤمن بن علي بن مخلوف بن علي الكومي. وُلد في “تاجرا”، وهي منطقة قريبة من مدينة “ندرومة” في شمال ولاية “تلمسان” الجزائرية، في السنة 487 هـ. كان يتميز ببشرة بيضاء وجسم قوي، وشعر أسود، وصوت ضخم.
أمضى عبد المؤمن جزءاً كبيراً من حياته في تلمسان، والتي كانت في ذلك الوقت واحدة من أبرز مراكز العلم. هناك، حفظ القرآن الكريم وتعلم أساسيات القراءة والكتابة، ودرس جزءاً من الفقه والسيرة النبوية تحت إشراف علماء بارزين، أبرزهم الشيخ عبد السلام التونسي، الذي كان إماماً بارزاً في مجالات الفقه والحديث والتفسير. بعد هذه الفترة التعليمية، بدأ عبد المؤمن في التحضير للسفر إلى المشرق لاكتساب المزيد من العلم ولأداء فريضة الحج.
عبد المؤمن بن علي الكومي: رحلة من تلمسان إلى قلب العالم الإسلامي
لكي نتفهم هذه الشخصية الهامة بشكل أعمق، سنستعرض بعض التفاصيل الأولية من حياته. عبد المؤمن بن علي بن مخلوف بن علي الكومي، ولد في مكان يُعرف بـ “تاجرا”، قرب مدينة “ندرومة” في شمال ولاية “تلمسان” الجزائرية، في السنة الهجرية 487. كانت مظاهره المادية جذابة؛ أبيض البشرة، قوي البنية، شعر أسود، وبصوت ضخم.
في تلمسان، وهي المدينة التي كانت واحدة من أهم مراكز العلم في تلك الفترة، استوعب عبد المؤمن القرآن الكريم، واكتسب مهارات القراءة والكتابة، بالإضافة إلى دراسة جوانب من الفقه والسيرة النبوية. تلقى تعليمه على يدي عدد من العلماء البارزين، مثل الشيخ عبد السلام التونسي، الذي كان مرجعًا في الفقه والحديث والتفسير. بعد ذلك، خطط عبد المؤمن للسفر إلى المشرق في سعيه للحصول على المزيد من العلم ولأداء فريضة الحج.
ابن تومرت وتكوين عبد المؤمن بن علي الكومي للقيادة
ابن تومرت كان ينظر إلى عبد المؤمن بن علي الكومي بأمل كبير وتوقعات عالية لمستقبله القيادي، فقام بتعليمه وتجهيزه بشكل مكثف لمهمة القيادة والزعامة. بدأ ببناء صورة الكومي كقائد قوي وموثوق به أمام جميع أتباعه، وأطلق عليه لقب “غلاب الدول”. بناءً على ذلك، أمر اتباعه بالطاعة والاقتداء بالكومي، والبيعة له بعده.
ما ساعد على نجاح هذه الخطة هو استعداد عبد المؤمن الكومي الكبير لتنفيذ أي تعليم أو تدريب يُطلب منه، مما ساهم في تمكين دولة الموحدين، بقيادته لاحقاً، من الوصول إلى زعامة دول المغرب العربي والأندلس.
تكوين الدولة الموحدية والمعركة مع الدولة المرابطية
خلال رحلات ابن تومرت لتحقيق أهدافه، كان برفقته أتباعه الذين تم تقسيمهم إلى طبقات، وكان في رأس الهرم “الجماعة” التي قادها عبد المؤمن الكومي. تنقلوا معًا من ملالة إلى ونشريس وتلمسان، حتى وصلوا إلى المغرب الأقصى، حيث اختاروا الاستقرار في موقع محصن في جبال تينملل. وفي عام 516 هـ، بايعوه في تينملل.
همتهم الرئيسية كانت الإطاحة بالدولة المرابطية المعادية، وإقامة الدولة الموحدية. وتمت هذه العملية من خلال جذب المزيد من الأتباع والنصار، وتجهيز الحملات العسكرية، التي حققت بعض الانتصارات، ولكنها لم تكن كافية لإسقاط الدولة المرابطية. أكبر هذه الحملات كانت الهجوم على مراكش، عاصمة المرابطين، في معركة “البحيرة”، والتي انتهت بنتيجة غير متوقعة وهي الهزيمة الكبرى للموحدين.
وعندما وصل الخبر إلى ابن تومرت، الذي كان يعاني من صحة ضعيفة، شعر بخيبة أمل عميقة، ولم يمض وقت طويل حتى وافته المنية. فتوفي الرجل الذي كان يعرف بـ “المهدي القائم بأمر الله” في عام 524 هـ.
عبد المؤمن الكومي: الخليفة الجديد للموحدين
مع وفاة ابن تومرت، بقي الخبر مكتومًا لمدة سنتين ولم يعرفه سوى أقرب أصدقائه. وتمت مبايعة عبد المؤمن بن علي الكومي، بناءً على طلب ابن تومرت، في العام 524 هـ، واُطلق على هذه المبايعة اسم “البيعة الخاصة”. أما “البيعة العامة” فقد تمت في العام 527 هـ في مسجد تينمل، حيث بدأ البيعة بطبقة الجماعة ثم بايعه باقي طبقات الدولة.
كان اختياره مدروسًا لعدة أسباب. الكومي كان أقرب الناس إلى ابن تومرت وأكثرهم تقديرًا منه، وكان يصلي خلفه في الصلاة. إضافة إلى ذلك، رأوا فيه المعرفة والدين، الشجاعة والذكاء. هناك سبب آخر رئيسي كان يصب في صالح الكومي في تولي الخلافة، وهو كونه كومي وليس من المصامدة، الذين كان من المحتمل أن يندلع بين زعمائهم نزاع على السلطة.
عبد المؤمن الكومي: نقطة تحول في خلافة الدولة الموحدية
عندما أصبح عبد المؤمن الكومي خليفةً للدولة الموحدية، كانت حكمه في البداية فقط على الورق! كما ذكرنا سابقًا، الدولة التي ورثها من ابن تومرت كانت مقسمة إلى طبقات مختلفة، كل طبقة لها اختصاصها وتتحكم في كل القرارات، وليس الأمير نفسه! ولم يكن يتم اتخاذ قرار إلا بموافقة الطبقة العليا منهم.
كانت هذه الطبقة تتجرأ على الكومي وتسلط نفوذها عليه بشكل كبير، لدرجة أنهم قتلوا أخاه بسبب أنه احتل مكان أحد أعضائها! يمكنك تخيل وحشية الفعل والسبب وراءه. كان الخليفة ينوي الانتقام لأخيه بالقصاص، ولكنه واجه مقاومة من الموحدين.
كان هذا الحدث نقطة تحول في خلافة ابن الكومي، حيث بدأ بعدها في اتخاذ خطوات للقضاء على نظام الطبقات القديم، واستبداله بنظام موحد يقوم على احترام الجماهير له ولعائلته.
عبد المؤمن الكومي والنصر الأول للدولة الموحدية
لتحقيق طموحاته، كان على الكومي أن يكمل المسيرة التي بدأها ابن تومرت – أي، القضاء على دولة المرابطين. ولكن، هذه المهمة لم تكن سهلة، حيث كانت الدولة تعاني من التفكك، والموحدين كانوا بحاجة للقائد الذي يستعيد ثقتهم ويجمعهم مرة أخرى ضد المرابطين.
قام الكومي بتنظيم صفوف الدولة قدر المستطاع استعدادًا للمعركة المقبلة. بمجرد أن أصبح جاهزًا، أطلق العنان للمعركة، التي شملت اقتحام مدينة مراكش لمدة عشرة أيام، ثم غادرها. ومع ذلك، تقول رواية أخرى أن أول معركة له كانت في “تادلة” في وادي درعة في السنة 526 هـ، حيث اقتحم حصن “تازا جورت” وقتل 20,000 شخص.
بعد ذلك، ذهب إلى درعة، ثم إلى حصن هزرجة، الذي عند وصوله إليه أحرقه وقتل الناس الذين كانوا في داخله. ثم ذهب إلى بلدة أجلاحال، حيث قتل السكان أحد أصدقاء ابن تومرت وزوجته، مما أدى إلى انتقام الكومي وقتله لحوالي 300 رجل منهم.
في ذات السنة، سيطروا أيضًا على حصن جلاوة، حيث كان سكانه قد أصابوا ابن تومرت في الماضي، مما أثار الغضب بين الموحدين ودفعهم لاقتحامه بالقوة وقتل كل من كان في داخله. وفي ذات السنة أيضًا، تم افتتاح حصن تاسيموث، بعد محاولة فاشلة أولى لاقتحامه. في المحاولة الثانية، استخدموا الحيلة، التي توجت بالنجاح، حيث قتل الموحدين كل المرابطين الباقين في الحصن ونقلوا أبوابه إلى باب الفخارين في تينمل.
محاولات التمرد خلال غياب عبد المؤمن الكومي عن تينملل
على الرغم من الإنجازات التي حققها عبد المؤمن الكومي في حروبه ضد المرابطين، كانت هناك مشاكل تنشأ داخل الدولة الموحدية. خلال فترة غيابه عن تينملل، نشأت حملات تمرد ضده، وكان من أبرز قادتها عبدالله بن ملوية، الذي كان واحدًا من أصدقاء ابن تومرت القدامى.
كان عبدالله بن ملوية يطمع في الرئاسة، ولذا قام بطلب الدعم من أمير دولة المرابطين، علي بن يوسف. علي بن يوسف قدم له قوة عسكرية لهجوم على تينملل. على الرغم من توجهه بالقوة العسكرية، قرر عبدالله بن ملوية اللجوء لقبيلة جنفسية للحصول على الدعم، ولكنه تفاجأ عندما اكتشف أنهم قاطعوا عهدًا سابقًا كان معقودًا مع ابن تومرت.
في نهاية المطاف، قُتل عبدالله بن ملوية على يد يخلف بن الحسن آتيكي، وهو من أهل قبيلة جنفسية. تم نقل جثة عبدالله بن ملوية إلى تينملل. عندما علم عبد المؤمن بن علي الكومي بما حدث، شكر أهل جنفسية ووزع عليهم الغنائم. هذا الحادث أثار الرعب في قلوب أي محتملين للتمرد، مما أدى إلى تعزيز استقرار الدولة الموحدية وكبح محاولات التمرد.
بالطبع، يمكن تفسير أفعال الأشخاص بطرق مختلفة بناءً على وجهة نظرهم الشخصية وقيمهم الأخلاقية. على الرغم من أن عبدالله بن ملوية خان الثقة التي وُكلت إليه وقام بالتمرد ضد الدولة الموحدية، يمكن القول أنه كان يعتقد أنه يقوم بالصواب من وجهة نظره الشخصية.
كان يشعر بالذنب والندم لتواطؤه مع ابن تومرت، وبالتالي قرر الرجوع إلى الله والتوبة من أفعاله السابقة. من خلال التمرد ضد الدولة الموحدية، كان يأمل في تصحيح المسار الذي كان عليه والعودة إلى ما يعتقد أنه الحق. في النهاية، نأمل بالفعل أن يكون الله قد غفر له.
أقرأ أيضا : عبد المؤمن الكومي – الموحدين – الجزء الثاني – مكتبة خلاصة كتاب (khkitab.com)
للاستماع الي الحلقه علي اليوتيوب من خلال هذا الرابط
[…] مسجد ليعلم الناس و بقريه ملاله بالقرب من بجاية التقي عبد المؤمن بن علي و لمح به كثير من الذكاء حيث كان عبد المؤمن متجها الي […]
[…] السابقة بدأنا نتكلم عن الشخصية التاريخية المهمّة (عبد المؤمن الكومي) , مؤسس دولة الموحدينفانتَ لو كنت مشوفتِش الجزء الأول […]
[…] الحلقة السابقة تحدثنا عن الشخصية التاريخية المهمة عبد المؤمن بن علي الكومي، مؤسس دولة الموحدين. إذا لم تكن قد شاهدت الجزء الأول، […]
This is a falsification of history. Nadrouma is 29 km away from tadjra, while Hunayn is 9 km away from
tadjra, and tadjra belongs to Hunayn. هذا تزوير للتاريخ ندرومة تبعد عن تاجره 29كلم بينما حنين تبعد 9كلم عن تاجرة يعني تاجرة تابعة لحنين Honaine وفي التقسيم الإداري الفرنسي أصبحت حنين تابعة لندرومة أما في عهد عبد المؤمن ابن علي ندرومة كانت تابعة لحنين اطرح عليك سؤالا لماذا سميت حنين بهذا الاسم ومن سماها وما اسم القاضي في ذالك الوقت واين دفن ؟