جدول المحتويات
مروان بن محمد: شجاعة وصمود في وجه التحديات
مروان بن محمد هو الخليفة الأخير من سلالة بني أمية في الدولة الأموية. ولد مروان بن محمد في العام 691 ميلادي وكان ابنًا للخليفة الأموي المعاوية بن أبي سفيان. تولى الخلافة في عام 744 ميلادي بعد اغتيال خليفة الدولة الأموية السابق، هشام بن عبد الملك.
مروان بن محمد كانت حكمه مليئًا بالتحديات والصعوبات. واجه ضغوطًا من مختلف الجماعات والعائلات الأموية المعارضة وثورات الزناتيين في العراق. كما واجه أيضًا تمردًا من قبل عائلة بني عباس في الخلافة العباسية الناشئة.
وقد عرفت حكم مروان بن محمد بالفساد والاستبداد، وقد تسبب ذلك في زيادة التوترات والاحتجاجات في أنحاء الدولة الأموية. تواجه الدولة الأموية تحديات سياسية واقتصادية واجتماعية متعددة، مما أدى في النهاية إلى انهيار الدولة الأموية.
على الرغم من تحمله مسؤولية الخلافة في وقت صعب، فإن الصورة الجذابة لمروان بن محمد قد تكمن في شجاعته وإصراره على البقاء في السلطة رغم كل الصعاب التي واجهها. كان يتمتع بمهارات عسكرية وسياسية تمكنه من الصمود لفترة طويلة والمحافظة على سلطته رغم التحديات.
مروان بن محمد كان أيضًا شخصية ثقافية ومعروفًا بدعمه للعلوم والفنون. كان يحافظ على تراث الدولة الأموية ويروج للتعليم والثقافة في فترة صعبة من تاريخ الدولة.
باختصار، مروان بن محمد هو شخصية تاريخية معقدة ومتناقضة. على الرغم من توليه الخلافة في فترة صعبة واجه فيها تحديات عديدة، إلا أنه يمكن النظر إليه بشكل جذاب نظرًا لشجاعته وصموده في السلطة ودعمه للثقافة والتعليم.
مروان بن محمد: قائد حرب وصاحب نصرات متتالية
مروان بن محمد هو شيخ بني أمية وابن مروان بن الحكم. وُلد في عام 76 هجرياً واشتهر بكونه بطلاً في جهاده خلال فترة حكم عبد الملك. كان يقود الجيش الذي حارب مصعب بن الزبير في العراق، وكان والي الجزيرة في عصر والده، مروان بن الحكم.
يتميز مروان بن محمد بشجاعته وتقواه وصالحه. كان له لقب “الحمار” بسبب صبره الشديد وتحمله الصعاب في الحرب، ولقب أيضًا بـ”الجعدي”. كان قائدًا عظيمًا ورجل حرب من الطراز الأول، يتمتع بكل عناصر القيادة. كان لديه نبوغ مبكر في مجال الحرب، وكان حريصًا على تعزيز الروح المعنوية لجنوده باستمرار. كان على صلة حسنة بجنوده، وكان يأخذ رأيهم ويستمع لهم. كان يتحسن في جباية الضرائب والإدارة، وخاض حروبًا مستمرة وحقق انتصارات متتالية.
صعود مروان بن محمد إلى الحكم: استغلال الفرصة وحصول على البيعة
مروان بن محمد انتزع الحكم بطريقة معروفة للجميع، وذلك بعد خروجه على يزيد انتقامًا للوليد. ومع ذلك، قام يزيد بالتلاعب والمساومة عليه، وقدم له ولاية الجزيرة والموصل وأذربيجان، بالإضافة إلى أرمينيا. وبعد وفاة يزيد، فإن شخصًا بقوة كهذه لن يكون راضيًا بأقل من منصب الخليفة.
تاحت الفرصة المناسبة عندما توفي يزيد، وقام مروان بالاستفادة منها عندما تولى إبراهيم بن الوليد الخلافة. استغل مروان هذه الفرصة وأخذ البيعة من الولاة والناس في جميع أنحاء الدولة، بما في ذلك الخليفة السابق نفسه. وقد باعته الخلافة باقي أفراد الأسرة الأموية. وبهذا أصبح مروان بن محمد خليفةً للمسلمين.
التحديات التي واجهت الدولة الأموية: الثورات والحركات المعارضة
مروان بن محمد كان يواجه تحديات عديدة في فترة حكمه، حيث كانت هناك أيادٍ خفية تسعى للتخلص من الدولة الأموية. فقد ظهرت حركة الخوارج وثورة لآل البيت وقوة ناشئة لبني العباس.
بعد تلقيه البيعة، أمضى مروان ثلاثة أشهر في دمشق قبل أن يضطر لمغادرتها نحو حمص بسبب ثورة اندلعت في المدينة. قام بحصار حمص حتى استسلامها، ثم دخل المدينة بعد معارك شرسة.
لكن لم يستقر الوضع في دمشق طويلاً، حيث ظهرت ثورة جديدة. بعث مروان جيشًا بقيادة أبو الورد بن الكوثر، وتمكنوا من القضاء على الثورة. ولم تكن هذه الثورات هي الوحيدة، فقد ظهرت ثورة في فلسطين التي حرض عليها ثابت بن نعيم. قام مروان بإرسال جيش للتصدي للثورة ونجح في قمعها، وتم القبض على ثابت بن نعيم وقتله، مما أنهى موجة الفتنة.
بالإضافة إلى ذلك، كانت هناك حركات أخرى معارضة مثل حركة الخوارج وحركة الضحاك وحركة الخبيري، إلى جانب نشاط بني العباس الذين كانوا نشطين بشكل كبير في بلاد خراسان. وصلت الأمور إلى حدٍ أن أبو مسلم دخل خراسان وأمر الدعاة بالدعوة لطاعة بني العباس، وبدأ بتحريض القبائل وإثارة الفتن بينها.
وانتهى الأمر بالاحتلال النهائي لخراسان من قبل بني العباس في عام 131 هجرياً، بعد معارك شرسة جرت بين نصر بن سيار وأبو مسلم.
إصلاحات مروان : تطوير المدن والاهتمام بالشعر والثقافة
على الرغم من وجود ثورات وحروب خلال فترة حكمه، قام مروان بن محمد بإجراء بعض الإصلاحات الهامة. قام بتحسين وإصلاح ميناء صور وميناء عكا، مما ساهم في تطوير النشاط التجاري والبحري في تلك المناطق.
كما قام بتحسين وإصلاح مدينة الموصل، حيث قام ببناء جسر وسور لتعزيز البنية التحتية للمدينة. وليس ذلك فحسب، بل قام أيضًا ببناء مسجد كبير في الموصل، وأقام طرقًا عديدة لتسهيل حركة المواطنين والتجارة في المدينة.
كان مروان بن محمد مولعًا بالشعر وكان يكرم الشعراء، وقد وصفه البعض بأنه كان كثير المروءة والعجب. كما كان يحب اللهو والطرب، ولكنه كان ينشغل بشكل رئيسي بالأمور العسكرية والحروب.
بهذه الإصلاحات والاهتمام بالشعر والثقافة، حاول مروان بن محمد تنمية المدن وتحسين حياة الناس في الدولة الأموية، ورغم تحدياته وارتباطه بالحروب، إلا أنه حاول بذل قصارى جهده في تحقيق التقدم والتطوير.
معركة الزاب وهزيمة جيش مروان
في هذا الوقت، شهدت المنطقة العديد من المعارك والثورات، ومن بينها معركة الزاب التي شهدت هزيمة قوات مروان بن محمد. عندما احتل العباسيون خراسان، قاموا بالتوجه نحو العراق بقيادة أبي عون عبد الملك بن يزيد الأزدي. وقد وقعت معركة هامة بين عون وعبد الله بن محمد، وانتهت بانتصار عون وهزيمة عبد الله بن محمد.
عندما علم مروان بن محمد بالأمر، قام بتجهيز جيشه وخرج لمواجهة أبو عون. حفر مروان خنادق حول جيشه، وانتهت المعركة بالهزيمة وبقاءه بين القتلى والغرقى والأسرى. هرب الخليفة مروان إلى حران. يقال إن سبب الهزيمة كان يعود إلى حادثة سرقة أموال الجيش عندما حاول مروان تشجيع الجنود وتحفيزهم بتوزيع المال عليهم، حيث قامت مجموعة من الجنود بسرقة تلك الأموال.
تعرض الجيش لغضب واستياء بقية الجنود، فبعث مروان بن عبد الله للخلف للحفاظ على المال، ولكن عندما شاهد الجنود عبد الله بن مروان وهو يتراجع، ظنوا أن الهزيمة قد أصابت الجيش. وانخفضت الروح المعنوية لجيش مروان، وقام العديد من الجنود بترك العدو والانشغال بتقسيم المال. وكانت هذه فرصة كبيرة للعدو لشن هجوم على جيش مروان، وبالفعل اقتحم العدو صفوف جيشه.
تلك المعركة شكلت منعطفًا هامًا في تاريخ حكم مروان بن محمد وتأثرت قوته ونفوذه بفعل الهزيمة وانشقاق الجيش عنه.
الأحداث التي أدت إلى ضعف الدولة الأموية وسقوط مروان بن محمد
واحدة من الأسباب التي أدت إلى ضعف الدولة الأموية هو خروج الموالي عن ولاء الدولة، إذ بقوا أعداءً للعرب. تسبب ذلك في الشعور بعدم المساواة وعدم منحهم حقوقًا متساوية، حيث تفضل العرب أنفسهم. بالإضافة إلى ذلك، قام العباسيون بالوقوف إلى جانب آل البيت وسعوا للمساعدة في تحقيق الثأر.
مروان بن محمد قام ببعث رسائل إلى والي العراق يطلب فيها إمدادات أثناء محاربته للعباسيين، ولكنه تحجج بعدم كفاية العدد. ترددت الأقاويل بأنه كان على صلة بالعباسيين، وكانت آراء معظم الولاة في عهده غير متفقة. بعد انتصار العباسيين في معركة الزاب، هرب مروان، وتتبعه عبد الله بن علي وهو في طريقه إلى مصر. انتهت الأمور بالوصول إلى قرية بوصير حيث دارت معركة أسفرت عن هزيمة مروان وقتله في ذي الحجة سنة 132 هجريًا، وكان نقش خاتمه يحمل عبارة “رضيت بالله العظيم”.
[ref] مروان بن محمد واسباب سقوط الدولة الاموية للكاتب سعدي ابو حبيب [/ref]