وقعة الجمل هي حرب وقعت بين الخليفة علي بن أبي طالب من جهة، وقوى التحالف التي تضمنت الزبير وطلحة والسيدة عائشة من جهة أخرى. وكانت الخلافات حول قتلة الخليفة عثمان سببًا لهذه الحرب. كان علي يرغب في التهدئة في هذا الأمر، بينما كانت قوى التحالف تطالب بتطبيق شرع الله على قتلة عثمان.
جدول المحتويات
تجمع قوي التحالف و الذهاب الي البصرة قبل وقعة الجمل
وجد المتحالفون في مكة نفسهم في وضع غير ملائم لحركتهم المطلوبة منها الصمود والمقاومة. فقد أفرغت الفتوحات المدينة من العناصر البشرية التي تحتاجها الحركة، ولم يكن هناك دعم كافي لهم في الحجاز. لذلك، بدأوا بالبحث عن مكان آمن بعيدًا عن نفوذ الخليفة، الذي لم يكن سيواجه صعوبة في القضاء على حركتهم في ذلك المكان. ومع ذلك، كان هناك نقاش حاد حول اختيار المكان المناسب الذي سيذهبون إليه، ولم يكن لدى المتحالفين الرؤية السياسية الواضحة وبدا عليهم الارتباك بشأن الخطوة التالية. واستغل الأمويون هذا الوضع وتمكنوا من توجيه المتحالفين وفق مصالحهم.
أم المؤمنين ” عائشة “اقترحت الذهاب إلى المدينة لمحاربة الغوغاء، ولكن لم يوافق أنصارها لأنهم كانوا يشعرون بعدم القدرة على مواجهتهم بسبب الفارق العددي بين الفريقين. فاقترحوا الذهاب إلى بلاد الشام لطلب المساعدة من أهلها، ولكنهم رفضوا ذلك , حيث الأمويون إبعاد قوى التحالف عن بلاد الشام لتجنيبها معركة كانت محتملة.
عبد الله بن عامر الحضري أكد أن الشام لن تقدم المزيد لهم، وأقترح طلحة والزبير الذهاب إلى الكوفة، لكن عبد الله بن عامر الحضرمي أقنعهم بالذهاب إلى البصرة لأنها تحتفظ بود معين تجاه عثمان وأنها قد تقدم الدعم المطلوب لهم. ، وطلب طلحة والزبير من أم المؤمنين ” عائشة ” أن تذهب معهما إلى البصرة لإقناع البصريين بالانضمام إلى حركتهما و هكذا استقر الامر الي الذهاب الي البصرة لحث اهلها علي مساعدة قوي التحالف في معاقبة قتلة عثمان.
وصول قوي التحالف الي البصرة
فشلت قوى التحالف في جمع عدد كبير من المقاتلين في الحجاز، إذ اقتصر عدد الذين انضموا إليهم على 700 رجل من أهل المدينة ومكة فقط، لكن بعض المؤيدين انضموا إليهم لاحقًا، وارتفع عددهم إلى 3000. وبدأ التحالف التحرك الي العراق، حيث اختاروا ساحة المربد في البصرة الخارجية لتكون مكان المواجهة. وجرت محاورات طويلة بين قادة التحالف لتبرير تحركهم.
تحدث طلحة أولاً في المحاورات التي جرت في المربد، حيث استدعى إلى الذاكرة موضوع العدوان على عثمان والبلد الحرام، وأكد على خطورة هذا الإثم وأهمية تنفيذ العقاب الشرعي الذي يقتضي دم عثمان كونه حد من حدود الله. وشدد على أن تنفيذ هذا الواجب يمثل إعزازاً للدين والسلطان، وأن إصلاح الأمة لن يتم إلا بتنفيذ هذا الواجب.
وأضاف طلحة أن هذا الواجب ليس فقط واجباً قرآنياً مفروضاً على كل مسلم، بل أيضاً واجباً سياسياً يساهم في استعادة الوحدة والتماسك والقوة للمسلمين. واستشهد الزبير بمثل هذا القول. وبذلك، يتضح أن المرجعية في هذا النزاع تستند إلى مبادئ دينية .
وتحدثت عائشة أيضاً، واسترجعت الموضوعات السابقة ودعت إلى معاقبة قتلة عثمان وفقًا للشرع. ويبدو أن المواجهة الكلامية لم تكن في مصلحة الوالي، إذ انسحب جزء من المقاتلين الذين كانوا معه وانضموا إلى قوات التحالف. كما كان المجتمع البصري متقسماً آنذاك إلى قسمين، الأول يدعم علي ويساند الوالي عثمان بن حنيف، بينما الثاني يعبر عن تعاطفه مع قوات التحالف.
ارسال رسول للمدينة للتحقق من الامر قبل وقعة الجمل
قرر الوالي عثمان بن حنيف الالتزام بولاية علي وجمع جيش الناس حوله لمنع دخول قوات التحالف إلى المدينة بالقوة. ولكن موقفه كان ضعيفاً بسبب الانقسام الحاد في المجتمع البصري حول نفسه. واندلعت اشتباكات مسلحة في دار الرزق وسط البصرة وقع فيها عدد من القتلى والجرحى. وتم إعلان هدنة وتوصل إلى صيغة وفاق بإرسال رسول إلى المدينة للتحقق من مدى إكراه طلحة والزبير في البيعة لعلي. وإذا كان الأمر صحيحاً، فعلى الوالي أن يخلي الساحة لهما، وإذا كان الأمر غير صحيح، فعلى طلحة والزبير الرحيل من البصرة.
وصول الخليفة الي الكوفة و استقطاب اهلها قبل وقعة الجمل
علياً كان قد غادر المدينة قبل وصول الرسول إليها، حيث كان في ذي قار بين الكوفة والبصرة يحاول استقطاب أهل الكوفة إلى جانبه وتشكيل جيش لنفسه. فوبخ عامله في رسالة بعثها إليه لأنه انساق إلى هذه المكيدة. ودافع الوالي عن تصرفه بأنه يريد كسب الوقت بانتظار وصول علي للدفاع عن سلطته ووحدة المسلمين، ولكنه تأخر في القدوم ولم يكن لديه القوة الكافية لطرد المتحالفين من البصرة. رغم ذلك، فقد تم اقتحام البصرة وقتل العديد من المسلمين، وتم توسيع مفهوم القتلة ليشمل كل من اقتحموا المدينة، وهذا سيؤدي إلى التصلب في المواقف والحرب الأهلية، وجعل قبائل برمتها تنفر من القضية التي كانت تبدو مبررة في البداية.
انقسام القبائل قبل وقعة الجمل
حيث رفضت قبيلة بني سعد من تميم، وهي عثمانية في الأصل، تسليم أحد أبنائها، وهو حرقوص بن زهير، أحد المشاركين في اقتحام المدينة ومقتل عثمان، وقرروا الانسحاب من المعركة والحياد في النزاع الذي كانت تلوح تباشيره.
سيطرة المتحالفين علي البصرة قبل وقعة الجمل
تسارعت الأحداث، و خرجت الأمور عن نطاق السيطرة، وتدخلت أطراف غير معنية في الصراع. وفي ظل هذه الظروف، نشبت مواجهات عنيفة بين المتحالفين والقوات الحكومية، وانتهى الصراع بفوز المتحالفين بالسيطرة على البصرة والقبض على الوالي عثمان بن حنيف وإيداعه السجن، إلا أنه تم إطلاق سراحه فيما بعد بتدخل من عائشة. وعمد المتحالفون إلى مطاردة الأشخاص الذين شاركوا في غزو المدينة وقتل عثمان. وحصلت الواقعة في يوم ٢٤ ربيع الآخر من العام ٣٦ هـ الموافق ليوم ٢٠ تشرين الأول من العام ٦٥٦ ميلادي.
لم يكن الهدف الأساسي لقوى التحالف السيطرة على البصرة، وإنما كان الهدف تطبيق أحكام الدين على الشريف والوضيع. وبالإضافة إلى ذلك، قاموا بإرسال رسل إلى أهل الشام وأهل الكوفة وأهل اليمامة وأهل المدينة لحثهم على تطبيق حدود الله وعدم مساعدة القتلة.
وبذلك، كانوا يقدمون أنفسهم كحماة للدين ومنفذين لأحكامه، وهذا كان خروجًا واضحًا عن السلطة الشرعية وتجاوزًا لاختصاصات الخليفة. وبالتالي، كانوا يسعون لقضية سياسية مغلفة بإطار ديني تستهدف الأمة بأكملها، وكانت هذه القضية إذا نجحت، فقد تؤدي إلى اعتلاء السلطة العليا. وعلى الرغم من أنهم كانوا محصورين ضمن نطاق البصرة ولم يتمكنوا من جلب دعم أكبر من أهلها، إلا أن معظم الذين ساروا وراءهم واتبعوهم بايعوهم فقط على المهمة المحددة التي كانت قد أخذوها على عاتقهم.
التاريخ الأسلامي – خلاصة كتاب (khkitab.com)
جاري اكمل المقال